كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



وإيحاءات كثيرة وتأملات شتى، يطلقها هذا النص في الضمير.. ينتهي منها القلب إلى الشعور بالقصد والغاية والتقدير، في المنشأ وفي الرحلة وفي المصير.
فأما امتداد هذا الإنسان بعد ذلك وبقاؤه فكانت له قصة أخرى:
{إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً}..
والأمشاج: الأخلاط. وربما كانت هذه إشارة إلى تكون النطفة من خلية الذكر وبويضة الأنثى بعد التلقيح.
وربما كانت هذه الأخلاط تعني الوراثات الكامنة في النطفة، والتي يمثلها ما يسمونه علمياً الجينات وهي وحدات الوراثة الحاملة للصفات المميزة لجنس الإنسان أولاً ولصفات الجنين العائلية أخيراً. وإليها يعزى سير النطفة الإنسانية في رحلتها لتكوين جنين إنسان، لا جنين أي حيوان آخر. كما تعزى إليها وراثة الصفات الخاصة في الأسرة.. ولعلها هي هذه الأمشاج المختلطة من وراثات شتى..
خلقته يد القدرة هكذا من نطفة أمشاج، لا عبثاً ولا جزافاً ولا تسلية، ولكنه خلق ليبتلى ويمتحن ويختبر. والله سبحانه يعلم ما هو؟ وما اختباره؟ وما ثمرة اختباره؟ ولكن المراد أن يظهر ذلك على مسرح الوجود، وأن تترتب عليه آثاره المقدرة في كيان الوجود، وأن تتبعه آثاره المقدرة. ويجزى وفق ما يظهر من نتائج ابتلائه.
ومن ثم جعله سميعاً بصيراً. أي زوده بوسائل الإدراك، ليستطيع التلقي والاستجابة. وليدرك الأشياء والقيم ويحكم عليها ويختار. ويجتاز الابتلاء وفق ما يختار..
وإذن فإن إرادة الله في امتداد هذا الجنس وتكرر أفراده بالوسيلة التي قدرها، وهي خلقته من نطفة أمشاج.. كانت وراءها حكمة. وكان وراءها قصد. ولم تكن فلتة.. كان وراءها ابتلاء هذا الكائن واختباره. ومن ثم وهب الاستعداد للتلقي والاستجابة، والمعرفة والاختبار.. وكان كل شيء في خلقه وتزويده بالمدارك وابتلائه في الحياة.. بمقدار!
ثم زوده إلى جانب المعرفة، بالقدرة على اختيار الطريق، وبين له الطريق الواصل. ثم تركه ليختاره، أو ليضل ويشرد فيما وراءه من طرق لا تؤدي إلى الله:
{إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً}..
وعبر عن الهدى بالشكر. لأن الشكر أقرب خاطر يرد على قلب المهتدي، بعد إذ يعلم أنه لم يكن شيئاً مذكوراً، فأراد ربه له أن يكون شيئاً مذكوراً. ووهب له السمع والبصر. وزوده بالقدرة على المعرفة. ثم هداه السبيل. وتركه يختار.. الشكر هو الخاطر الأول الذي يرد على القلب المؤمن في هذه المناسبة. فإذا لم يشكر فهو الكفور.. بهذه الصيغة الموغلة في الدلالة على الكفران.
ويشعر الإنسان بجدية الأمر ودقته بعد هذه اللمسات الثلاث. ويدرك أنه مخلوق لغاية. وأنه مشدود إلى محور. وأنه مزود بالمعرفة فمحاسب عليها. وأنه هنا ليبتلى ويجتاز الابتلاء. فهو في فترة امتحان يقضيها على الأرض، لا في فترة لعب ولهو وإهمال! ويخرج من هذه الآيات الثلاث القصار بذلك الرصيد من التأملات الرفيقة العميقة، كما يخرج منها مثقل الظهر بالتبعة والجد والوقار في تصور هذه الحياة، وفي الشعور بما وراءها من نتائج الابتلاء! وتغير هذه الآيات الثلاث القصار من نظرته إلى غاية وجوده، ومن شعوره بحقيقة وجوده، ومن أخذه للحياة وقيمها بوجه عام.
ومن ثم يأخذ في عرض ما ينتظر الإنسان بعد الابتلاء، واختياره طريق الشكر أو طريق الكفران.
فأما ما ينتظر الكافرين، فيجمله إجمالاً، لأن ظل السورة هو ظل الرخاء الظاهر في الصورة والإيقاع.
وظل الهتاف المغري بالنعيم المريح. فأما العذاب فيشير إليه في إجمال:
{إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالاً وسعيراً}..
سلاسل للأقدام، وأغلالاً للأيدي، وناراً تتسعر يلقى فيها بالمسلسلين المغلولين!
ثم يسارع السياق إلى رخاء النعيم:
{إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً}..
وهذه العبارة تفيد أن شراب الأبرار في الجنة ممزوج بالكافور، يشربونه في كأس تغترف من عين تفجر لهم تفجيراً، في كثرة ووفرة.. وقد كان العرب يمزجون كؤوس الخمر بالكافور حيناً وبالزنجبيل حيناً زيادة في التلذذ بها، فها هم أولاء يعلمون أن في الجنة شراباً طهوراً ممزوجاً بالكافور، على وفر وسعة. فأما مستوى هذا الشراب فمفهوم أنه أحلى من شراب الدنيا، وأن لذة الشعور به تتضاعف وترقى، ونحن لا نملك في هذه الأرض أن نحدد مستوى ولا نوعاً للذة المتاع هناك. فهي أوصاف للتقريب. يعلم الله أن الناس لا يملكون سواها لتصور هذا الغيب المحجوب.
والتعبير يسميهم في الآية الأولى {الأبرار} ويسميهم في الآية الثانية {عباد الله}.. إيناساً وتكريماً وإعلاناً للفضل تارة، وللقرب من الله تارة، في معرض النعيم والتكريم.
ثم يعرف بهؤلاء الأبرار عباد الله الذين قسم لهم هذا المتاع:
{يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزآءً ولا شكوراً إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً}..
وهي صورة وضيئة شفافة لقلوب مخلصة جادة عازمة على الوفاء لله بتكاليف العقيدة، مع رحمة ندية بعباده الضعاف، وإيثار على النفس، وتحرج وخشية لله، ورغبة في رضاه، وإشفاق من عذابه تبعثه التقوى والجد في تصور الواجب الثقيل.
{يوفون بالنذر} فيفعلون ما اعتزموا من الطاعات، وما التزموا من الواجبات. فهم يأخذون الأمر جداً خالصاً لا يحاولون التفلت من تبعاته، ولا التفصي من أعبائه، ولا التخلي عنه بعد اعتزامه. وهذا معنى أنهم يوفون بالنذر. فهو أعم من المعنى العرفي المتبادر من كلمة {النذر}.
{ويخافون يوماً كان شره مستطيراً}.. فهم يدركون صفة هذا اليوم، الذي يتفشى شره ويصيب الكثيرين من المقصرين والمسيئين. فيخافون أن ينالهم شيء من شره. وهذه سمة الأتقياء، الشاعرين بثقل الواجب وضخامة التكاليف، الخائفين من التقصير والقصور، مهما قدموا من القرَب والطاعات.
{ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً}..
وهي تصور شعور البر والعطف والخير ممثلاً في إطعام الطعام، مع حبه بسبب الحاجة إليه. فمثل هذه القلوب لا يقال عنها: إنها تحب الطعام الذي تطعمه للضعاف المحاويج على اختلاف أنواعهم. إلا أن تكون في حاجة هي إلى هذا الطعام، ولكنها تؤثر به المحاويج.
وهذه اللفتة تشي بقسوة البيئة في مكة بين المشركين؛ وأنها كانت لا تفضي بشيء للمحاويج الضعاف؛ وإن كانت تبذل في مجالات المفاخرة الشيء الكثير. فأما الأبرار عباد الله فكانوا واحة ظليلة في هذه الهاجرة الشحيحة. وكانوا يطعمون الطعام بأريحية نفس، ورحمة قلب، وخلوص نية. واتجاه إلى الله بالعمل، يحكيه السياق من حالهم، ومن منطوق قلوبهم.
{إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزآء ولا شكوراً إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً}..
فهي الرحمة الفائضة من القلوب الرقيقة الرفيقة، تتجه إلى الله تطلب رضاه. ولا تبتغي بها جزاء من الخلق ولا شكراً، ولا تقصد بها استعلاء على المحتاجين ولا خيلاء. كما تتقي بها يوماً عبوساً شديد العبوس، تتوقعه وتخشاه، وتتقيه بهذا الوقاء. وقد دلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وهو يقول: «اتق النار ولو بشق تمرة».
وقد كان إطعام الطعام هكذا مباشرة هو وسيلة التعبير عن هذه العاطفة النبيلة الكريمة، ووسيلة الإشباع لحاجات المحاويج. ولكن صور الإحسان ووسائله قد تتغير بحسب البيئات والظروف، فلا تظل في هذه الصورة البدائية المباشرة. إلا أن الذي يجب الاحتفاظ به هو حساسية القلوب، وحيوية العاطفة، والرغبة في الخير ابتغاء وجه الله، والتجرد عن البواعث الأرضية من جزاء أو شكر أو نفع من منافع الحياة!
ولقد تنظم الضرائب، وتفرض التكاليف، وتخصص للضمان الاجتماعي، ولإسعاف المحاويج، ولكن هذا إنما يفي بشطر واحد من مزايا الاتجاه الإسلامي الذي ترمز إليه تلك الآيات، والذي توخاه بفريضة الزكاة.. هذا الشطر هو كفاية حاجة المحتاجين.. هذا شطر.. والشطر الآخر هو تهذيب أرواح الباذلين، ورفعها إلى ذلك المستوى الكريم. وهو شطر لا يجوز إغفاله ولا التهوين من شأنه فضلاً على أن تنقلب المعايير فيوصم ويقبح ويشوه، ويقال: إنه إذلال للآخذين وإفساد للواهبين.
إن الإسلام عقيدة قلوب، ومنهج تربية لهذه القلوب. والعاطفة الكريمة تهذب صاحبها وتنفع من يوجهها إليه من إخوانه. فتفي بشطري التربية التي يقصد إليها هذا الدين.
ومن ثم كان ذلك التصوير الكريم لذلك الشعور الكريم.
{فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً}..
يعجل السياق بذكر وقايتهم من شر ذلك اليوم الذي كانوا يخافونه، ليطمئنهم في الدنيا وهم يتلقون هذا القرآن ويصدقونه! ويذكر أنهم تلقوا من الله نضرة وسروراً، لا يوماً عبوساً قمطريراً. جزاءً وفاقاً على خشيتهم وخوفهم، وعلى نداوة قلوبهم ونضرة مشاعرهم.
ثم يمضي بعد ذلك في وصف مناعم الجنة التي وجدوها:
{وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً}.. جنة يسكنونها وحريراً يلبسونه.
{متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً}.. فهم في جلسة مريحة مطمئنة والجو حولهم رخاء ناعم دافئ في غير حر، نديّ في غير برد. فلا شمس تلهب النسائم، ولا زمهرير وهو البرد القارس! ولنا أن نقول: إنه عالم آخر ليست فيه شمسنا هذه ولا شموس أخرى من نظائرها.
وكفى!
{ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلاً}.. وإذا دنت الظلال ودنت القطوف فهي الراحة والاسترواح على أمتع ما يمتد إليه الخيال!
فهذه هي الهيئة العامة لهذه الجنة التي جزى الله بها عباده الأبرار الذين رسم لهم تلك الصورة المرهفة اللطيفة الوضيئة في الدنيا.. ثم تأتي تفصيلات المناعم والخدمات..
{ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا قواريرا من فضة قدروها تقديراً ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً عيناً فيها تسمى سلسبيلاً}..
فهم في متاعهم. متكئين على الأرائك بين الظلال الوارفة والقطوف الدانية والجو الرائق.. يطاف عليهم بأشربة في آنية من فضة، وفي أكواب من فضة كذلك، ولكنها شفة كالقوارير، مما لا تعهده الأرض في آنية الفضة، وهي بأحجام مقدرة تقديراً يحقق المتاع والجمال. ثم هي تمزج بالزنجبيل كما مزجت مرة بالكافور. وهي كذلك تملأ من عين جارية تسمى سلسبيلاً، لشدة عذوبتها واستساغتها لدى الشاربين!
وزيادة في المتاع فإن الذين يطوفون بهذه الأواني والأكواب بالشراب هم غلمان صباح الوجوه، لا يفعل فيهم الزمن، ولا تدركهم السن؛ فهم مخلدون في سن الصباحة والصبا والوضاءة. وهم هنا وهناك كاللؤلؤ المنثور:
{ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً}..
ثم يجمل السياق خطوط المنظر، ويلقي عليه نظرة كاملة تلخص وقعه في القلب والنظر:
{وإذا رأيت ثمّ رأيت نعيماً وملكاً كبيراً}..
نعيماً وملكاً كبيراً. هو الذي يعيش فيه الأبرار المقربون عباد الله هؤلاء، على وجه الإجمال والعموم! ثم يخصص مظهراً من مظاهر النعيم والملك الكبير؛ كأنه تعليل لهذا الوصف وتفسير:
{عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهوراً}..
والسندس الحرير الرقيق، والإستبرق الحرير السميك المبطن.. وهم في هذه الزينة وهذا المتاع، يتلقونه كله من {ربهم} فهو عطاء كريم من معط كريم.. وهذه تضاف إلى قيمة ذلك النعيم!
ثم يتلقون عليه الود والتكريم:
{إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكوراً}..
يتلقون هذا النطق من الملأ الأعلى. وهو يعدل هذه المناعم كلها، ويمنحها قيمة أخرى فوق قيمتها..
وهكذا ينتهي ذلك العرض المفصل والهتاف الموحي للقلوب، الهتاف إلى ذلك النعيم الطيب والفرار من السلاسل والأغلال والسعير.. وهما طريقان. طريق مؤد إلى الجنة هذه وطريق مؤد إلى السعير!
وبعد انتهاء هذا الهتاف إلى الجنة ونعيمها الهنيء الرغيد، يعالج حالة المشركين المصرين على العناد والتكذيب، الذين لا يدركون حقيقة الدعوة، فيساومون عليها الرسول صلى الله عليه وسلم لعله يكف عنها، أو عما يؤذيهم منها. وبين المساومة للنبي صلى الله عليه وسلم وفتنة المؤمنين به وإيذائهم، والصد عن سبيل الله، والإعراض عن الخير والجنة والنعيم.
بين هذا كله يجيء المقطع الأخير في السورة يعالج هذا الموقف بطريقة القرآن الكريم:
{إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلاً فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً واذكر اسم ربك بكرة وأصيلاً ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلاً طويلاً}..
وفي هذه الآيات الأربع تكمن حقيقة كبيرة من حقائق الدعوة الإيمانية. حقيقة ينبغي أن يعيش فيها الدعاة إلى الله طويلاً، وأن يتعمقوها تعمقاً كاملاً، وأن ينظروا بتدبر في مدلولاتها الواقعية والنفسية والإيمانية الكبيرة.
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواجه المشركين بالدعوة إلى الله وحده. وهو لم يكن يواجه في نفوسهم مجرد عقيدة. ولو كان الأمر كذلك لكان أيسر كثيراً. فإن عقيدة الشرك المهلهلة التي كانوا عليها لم تكن من القوة والثبات بحيث يصمدون بها هكذا لعقيدة الإسلام القوية الواضحة البسيطة. إنما كانت الملابسات التي تحيط بالعقيدة وبالموقف هي التي تقود إلى تلك المعارضة العنيدة، التي شهدت بها الروايات التاريخية، وحكاها القرآن في مواضع منه شتى.. كانت المكانة الاجتماعية، والاعتزاز بالقيم السائدة في البيئة، وما يتلبس بها كذلك من مصالح مادية.. هي العنصر الأول الذي يقود إلى التشبث بالعقيدة الواهية الظاهرة البطلان، في وجه العقيدة القوية الظاهرة الاستقامة.. ثم كانت صور الحياة الجاهلية ومتاعها ولذائذها وشهواتها إلى جانب ذلك تزيد المقاومة والعناد والتأبي على العقيدة الجديدة، وما فيها من اتجاهات أخلاقية وقيم رفيعة، لا تسمح بانطلاق الغرائز والشهوات؛ ولا بالحياة العابثة الماجنة المطلقة من كوابح الأخلاق.
وهذه الأسباب سواء ما يتعلق منها بالمكانة والقيم الاجتماعية والسلطان والمال والمصالح، وما يتعلق منها بالإلف والعادة وصور الحياة التقليدية، وما يتعلق منها بالانطلاق من القيم والقيود الأخلاقية كانت قائمة في وجه الدعوة الأولى، وهي هي قائمة في وجه الدعوة في كل أرض وفي كل جيل. وهي تمثل العناصر الثابتة في معركة العقيدة، التي تجعلها معركة عنيدة لا تنتهي من قريب؛ وتجعل مشاقها وتكاليفها والثبات عليها من أعسر التكاليف.
ومن ثم ينبغي للدعاة إلى دين الله في أي أرض وفي أي زمان أن يعيشوا طويلاً في الحقيقة الكبيرة الكامنة في تلك الآيات، وملابسات نزولها على الرسول صلى الله عليه وسلم فهي ملابسات معركة واحدة يخوضها كل صاحب دعوة إلى الله، في أي أرض وفي أي زمان!